مدخل لمبحث "أسباب النزول" (قديم)

السلام عليكم، أتم نشر ما وقفت عليه من ملخصات عامة كنت كتبتها قبل مدة حول المباحث المتعلقة بالقرآن الكريم ، نشرا للعلم والمعرفة بين طلابها وتذكيرا لنفسي بها، وطمعا في صدقة جارية وسببا لشفاء للوالدة برحمته الواسعة ، وأرجو أن تكون مفيدة لكم؛ خاصة لغير المهتمين بهذا المجال، فهي تغنيكم عن الرجوع والبحث ان شاء الله

وهذه المرة أشارك معكم مبحث “أسباب النزول”

نسأل الله التيسير والإخلاص


→ مبحث “أسباب النزول”

● الماهية

  • وقع إجماع الأمة على اعتبار علم “أسباب النزول” من العلوم المندرجة تحت مباحث “علوم القرآن” ، كما اتفقت كلمة العلماء في تعريف هذا العلم من حيث المعنى، رغم اختلافهم في التعبير عنه بالألفاظ الشاملة لكل معانيه

• فقد عرفه منان القطان بقوله: “هو ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال” [ :books: مباحث في علوم القرآن ]

  • وهذا تعريف مجمل فصله الكاتب بقوله: “وسبب النزول بعد هذا التحقيق يكون قاصرا على أمرين:
    ١- أن تحدث حادثة فيتنزل القرآن الكريم بشأنها (…)
    ٢- أن يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء فيتنزل القرآن ببيان الحكم فيه” [ :books: مباحث في علوم القرآن ]

  • وكلامه هنا موافق تمام الاتفاق لكلام مقبل بن هادي الوادعي، انظر [ :books: الصحيح المسند من أسباب النزول ]

• وأشار له السيوطي بإشارة خفيفة بقوله: “والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه، ليخرج ما ذكره الواحدي في تفسيره في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك” [ :books: الإتقان في علوم القرآن]

• وعرفه فهد بن عبد الرحمن الرومي بقوله: “هو ما نزل قرآن بشأن وقوعه” [ :books: دراسات في علوم القرآن الكريم ]

• في حين عرفته وزارة الاوقاف المغربية بقولها: “سبب النزول هو: ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه، أو مبينة لحكمه أيام وقوعه” (https://bit.ly/407PfzT)

  • ومن خلال النظر لهذه التعاريف يمكننا القول أن سبب النزول هو: “ذلك السؤال أو الواقعة أو التي كانت سببا في نزول آي القرآن الكريم مجيبة عنها ومبينة لها” (تعريف شخصي)

¤ فائدة

وهنا فائدة وهيا أن أسباب النزول ليست أسبابا على وجه الحقيقة، وإنما هيا مناسبات فقط، إذ أن القرآن نزل مكتملا للسماء الدنيا، وإنما نزل منجما بحسب الأحداث مراعاة لواقع الناس وربطا للبيان بأسبابه

• قال محمد الفاضل بن عاشور: “وهي المعارف التي تسمى ((أسباب النزول)) وماهي إلا مناسبات، لا أسباب حقيقة . وإن سميت أسبابا على طريق التسامح والتجوز (…) وهو معنى قول علماء أصول الفقه: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب” [ :books: التفسير ورجاله ]

• قال ابن تيمية: “قد يجيء هذا كثيرا ومن هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصا كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، (…) فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه فلم يقل أحد إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص، فتعم ما يشبهه (…) فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته” [ :books: مجموع الفتاوى]

● أقسام القرآن بحسب أسباب النزول

أ - قسم نزل من الله ابتداء غير مرتبط بسبب من الأسباب الخاصة، وإنما هو لمحض هداية الخلق إلى الحق، وهو كثير ظاهر لا يحتاج إلى بحث ولا بيان، وهو أكثر القرآن

ب - قسم نزل مرتبطا بسبب من الأسباب الخاصة

● طرق معرفة أسباب النزول:

  • الطريق الوحيد للعلم بأسباب النزول هو الطرق النقلية المروية عن الصحابة رضي الله عنهم، فهذا علم لايجوز القول فيه بالرأي والاجتهاد، بل هو موقوف على صحة الرواية النقلية لمن شهد نزول الوحي وعاش وقائعه، واختلفوا في الرواية عن التابعين ، فحكمه أنه لا يقبل إلا إذا صح واعتضد بمرسل آخر وكان الراوي له من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير.

• قال الواحدي: “لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها” [ :books: أسباب النزول ]

• قال السيوطي: “وقال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى على هذا أبن الصلاح وغيره”
وقال أيضا مبينا شروط قبول رواية التابعين: “الأول ما جعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك.” [ :books: لباب النقول ]

● أقسام تنزلات القرآن بحسب الأسباب

  • مانزل لسبب معين؛ وهو كآيات الإسراء التي تتحدث عن الروح التي نزلت لما سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح

  • مانزل لأكثر من سبب؛ وهو كآيات اللعان التي نزلت في هلال بن أمية رضي الله عنه قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت في عويمر بن نصر العجلاني أيضا

  • مانزل قبل وقوع السبب؛ وهو كقوله تعالى: ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) قال عمر : أي جمع يهزم ؟ أي جمع يغلب ؟ ، فلما كان يوم بدر، قال عمر رضي الله عنه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) فعرفت تأويلها يومئذ

  • مانزل بعد وقوع السبب بمدة؛ وهو كآيات تبرئة عائشة رضي الله عنها من افك المنافقين

  • مانزل مكررا بتكرر سببه؛ وهو كقولهم في سورة الإخلاص نزلت بمكة، ونزلت بالمدينة أيضا بسبب سؤال اليهود، سألوا النبي ﷺ أن يصف ربه، فالسورة نزلت مرتين

● فوائد معرفة أسباب النزول

  • معرفة حكمة الله على التعيين فيما شرعه بالتنزيل
  • الاستعانة بها على فهم الآية ودفع الإشكال عنها
  • تيسير الحفظ، وتسهيل الفهم، وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها
  • تيسير الاستنباط بأن يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص بمعرفة سبب النزول
  • التفسير الصحيح لكتاب الله عزوجل ودفع التوهم

● عناية العلماء بأسباب النزول

¤ مؤلفات أفردت التصنيف في المبحث

  • “أسباب النزول” للواحدي
  • “لباب النقول في أسباب النزول” للسيوطي
  • “أسباب النزول” لابن حجر
  • “الصحيح المسند من أسباب النزول” لمقبل بن هادي الوادعي

¤ مؤلفات تضمنت مبحث أسباب النزول

  • " البرهان في علوم القرآن " للزركشي
  • " الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي
  • " مباحث في علوم القرآن " لمنان القطان

¤ كتب مالكية اعتنت بمبحث أسباب النزول ضمنيا

1.- “الجامع لأحكام القرآن” للإمام القرطبي:

    • “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” للإمام ابن عطية الأندلسي
    • “الناسخ والمنسوخ” للإمام القاضي أبو بكر بن العربي:
  1. -“أحكام القرآن” للإمام القاضي أبو بكر بن العربي

انتهى والحمدلله

3 Likes

جزاكَ الله خيراً.
أريد أن أسألك عن كيفية تفسير القرآن الكريم؟ أعني كيف فسّر العلماء القرآن هل بناءً على أسباب النزول أو اللغة أو أشياء أخرى؟
حيث أنني أشاهد العديد من المقاطع لأناس يقولون القرآن (للجميع) ويمكن للجميع فهم القرآن بنور البصيرة وأن التفسير يختلف من زمن لآخر(بحجة أن القرآن لكل الأزمان فيحتجون على أخذ تفسير من 1400 سنة على قولهم)
ورأيتهم يفسرون مختلف الآيات على هواهم مثل(يؤمنون بالجبتِ…) قالوا أن الجبت كلمة لا وجود لها بالمعاجم بل المقصود فيها Chat(GPT) وأن بيت العنكبوت في زمانهم(قبل 1400) هو العنكبوت العادي بينما في تفسير زماننا بيت العنكبوت هو الشبكة العنكبوتية(الانترنت) :melting_face:
فأحببت أن يكون لدي خلفية عن(أصول) التفسير حتى أقي نفسي الوقوع في مثل هذا أو الاقتناع به .

2 Likes

تفسير القرآن الكريم يجمع بين العلم بعدة أصول مهمة لا يمكن الاستغناء عنها، بل تفسير القرآن من أصعب العلوم وأدقها؛ فالمفسر يحتاج إلى العلم بالقراءات القرآنية أولًا؛ سواء المتواتر أو الشاذ، وأوجه الاختلاف في القراءات. يحتاج أيضًا إلى العلم بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والحديث رواية ودراية، والمرويات عن الصحابة رضي الله عنهم، واللغة العربية بأصولها وقواعدها، ولغات العرب المختلفة، ودلالة اللفظ عند العرب بين الحقيقة والمجاز، والظاهر والمؤول، والمجمل والمفسر، وصحة الحديث النبوي من ضعفه، وغريب الحديث، ومقاصد الشريعة… والكثير الكثير من العلوم التي يصعب عدّها هنا.

فتفسير كلام ربنا عز وجل ليس بالشيء الهين، فالمفسر يحمل على عاتقه تبيين ما أراده الله سبحانه وتعالى من الآية، وهذا أمر عظيم.

لذلك أغلب كتب المتقدمين في التفسير كانت تجمع تفاسير الصحابة والتابعين فقط، كتفسير الطبري مثلًا.
ومن المفسرين من حمل لواء هذا العلم واستحضر كل هذه العلوم في تفسيره كتفسير القرطبي والبغوي.

والحمد لله في عصرنا صارت المؤلفات تختصر كثيرًا وتكتفي بذكر معنى الآية في لغة العرب دون التطرق لباقي التفاصيل (التي لا يحتاجها الناس) ومن بينها تفسير السعدي والتفسير الميسر.


القرآن للجميع نعم من حيث القراءة والأجر، ولكن لا يجوز لأحد أن يفسر شيئًا لا علم له به، فكيف يفسر شخص عامي القرآن العربي الفصيح؟ بل كثير من الناس لا يعرفون أصلًا اللغة العربية الفصيحة التي تكلم بها القرآن.

هذا أشبه بمن يقول: “الهندسة للجميع، يلا نبني مباني بلا دراسة ولا حاجة”، أو “الطب للجميع، يلا نعمل عمليات بلا أي كتب طب أو جامعة”. هذا كلام تافه يقوله شخص غير عاقل.


الذي يقول: “نفسر القرآن بنور البصيرة”، قُل له: “طيب، فسر لي قوله تعالى: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا، فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا) بلا علم بلغة العرب”.

أو قوله تعالى في وصفه لزوجة إبراهيم عليه السلام: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ). ما علاقة الضحك بالبشرى؟ هل يمكن تفسيرها هكذا من رأسك؟

ربما ستقول: “رأت شيئًا أعجبها فضحكت، فبشرها الله بإسحاق ويعقوب”. لكن لو ترجع للغة العرب ستجد أن معناها حاضت، فهم يطلقون الضحك على الحيض، وهذا لا علم لنا به إلا بالرجوع إلى كتبهم.

قال ابن منظور في “لسان العرب”: “وضَحِكَتِ المرأةُ: حاضت”.


إذا كان الكلام واحدًا، فلماذا يختلف التفسير من زمن إلى آخر؟ يعني إذا قلت لك: “أكل أحمد تفاحة”، هل يمكن أن تعني أحمد أكل تفاحة اليوم، وبعد 100 سنة تعني الحاجة سارة ذهبت إلى السوق؟ :sweat_smile: هذا كلام بلهاء.


قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا). طيب، كيف يستقيم تفسير الجبت بـGPT؟ يعني يعبدونه مثلًا؟ وقبل وجود Chat GPT أصلًا ماذا كان معنى الآية؟ ولماذا تغير بعدها؟ ولو اختفى من الوجود هتصير بدون تفسير يعني؟، هل الآية لم يكن لها تفسير أصلا ؟ طيب، والطاغوت؟ هل يمكن بعد 50 سنة يجي وارد كوري يصنع شركة سيارات يسميها TAGOT فنقول هذا تفسيرها؟!

والله هذا الكلام هبل. الآية تقول إنهم يؤمنون بالجبت (وهو كل ما يعبد من دون الله ويشمل حتى السحرة) والطاغوت (الذي يطغى ويتجبر ويدعي الألوهية كفرعون)، ويقولون للكفار: “انظروا هؤلاء أحسن من إله المسلمين”. تعالى الله عن هذا … اهي مش محتاجة حاجة يعني :face_with_diagonal_mouth:


قال تعالى: (إِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ). طيب، هل الشبكة العنكبوتية لديها بيت؟ مجرد مناقشة هذه الترهات تجعلك تضحك ههههههه. الكلمة الأصلية هي “internet”، والشبكة العنكبوتية مجرد ترجمة تقريبية، ولا القرآن صار كتاب معلوميات؟! والمشكلة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مكنش في معلوميات وانترنت ، يعني ربنا يخاطب الناس بما لايعرفون؟

الحمد لله القرآن فُسّر بلغة العرب التي تعرفها، وانتهينا من هذا منذ زمن، والكتب موجودة مطبوعة، أما تفسير القرآن بأقرب كلمة فقط لأنها تشبهها، فهذا سفاهة وتفاهة في نفس الوقت.

زي مايجي واحد يقولك ربنا قال (“إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا”)
طيب أنا هحرقها بس مش هاكلها

أو هبني بها بيت وفيلا وسيارات المهم متدخلش بطني… هل هذا عنده عقل؟

2 Likes

كلامك صحيح اعذرني أتعبتك جزاكم الله خيراً

2 Likes

آمين يارب واياكم
لا ان شاء الله هو خير
هذا واجب

1 Like