السلام عليكم، وقفت على ملخص عام كنت كتبته قبل مدة حول مبحث المكي والمدني المتعلق بالقرآن الكريم ، فأحببت مشاركته معكم لتعم الفائدة، ويكون صدقة جارية للعبد الفقير وشفاء للوالدة برحمته الواسعة في هذه الليلة
وتجدر الإشارة أنني قريبا سأشارك معكم بعض الملخصات المتعلقة بمبحث تدوين السنة النبوية ومراحل جمعها، وأولها ما كتب من السنة النبوية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مبحث مهم جدا في عصرنا هذا؛ عصر الشبهات …قريبا ان شاء الله
وعموما هذا هو الملخص، وانتظر تعليقاتكم الطيبة ودعائكم للوالدة
-
المكي والمدني
● ماهيتها:
- اختلف العلماء في تحديد الضابط المميز بين القرآن المكي والمدني على اعتبارات عديدة، نذكر منها:
︎ باعتبار المكان: والمراد هنا مكان النزول، فما نزل بمكة وضواحيها يدخل في القرآن المكي ، ومانزل بالمدينة وضواحيها يدخل في القرآن المدني ، ويلزم منه أن مانزل بمكة بعد الهجرة يكون مكيا
° قال الزركشي: “اعلم أن للناس في ذلك ثلاثة اصطلاحات
أحدها: أن المكي ما نزل بمكة والمدني ما نزل بالمدينة” [ البرهان في علوم القرآن ]
ولكن هذا القول ضعيف لأنه لا يشمل ما نزل بغير مكة والمدينة وضواحيهما
° قال منان القطان: “ويترتب على هذا الرأي عدم ثنائية القسمة وحصرها، فما نزل بالأسفار أو بتبوك أو ببيت المقدس لا يدخل تحت القسمة ، فلا يسمى مكيا ولا مدنيا، كما يترتب عليه كذلك أن ما نزل بمكة بعد الهجرة يكون مكيا” [ مباحث في علوم القرآن ]
︎ باعتبار الزمان: والفاصل هنا هو حدث الهجرة النبوية؛ فما نزل قبل الهجرة مكي، ومانزل بعد الهجرة مدني ، وهو المشهور عند العلماء
° قال الزركشي: “والثاني: وهو المشهور أن المكي ما نزل قبل الهجرة وإن كان بالمدينة والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان بمكة” [ البرهان]
• باعتبار حال المخاطبين: فالمكي ماكان فيه الخطاب لأهل مكة، والمدني ماكان فيه الخطاب لأهل المدينة
° قال السيوطي: “أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة” [ الإتقان في علوم القرآن]
° قال الزركشي: “والثالث: أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة وعليه يحمل قول ابن مسعود الآتي لأن الغالب على أهل مكة الكفر فخوطبوا يأيها الناس وإن كان غيرهم داخلا فيها وكان الغالب على أهل المدينة الإيمان فخوطبوا يأيها الذين آمنوا وإن كان غيرهم داخلا فيهم” [ البرهان]
ولكنه بدوره غير شامل وعليه انتقادات
° قال محمد شفاعت رباني : “لكن يرد عليه أنه غير ضابط ولا حاصر، فإن في القرآن ما نزل غير مصدر بأحدهما، نحو قوله تعالى في فاتحة سورة الأحزاب: يا أيها النبي اتق الله الآية، وقوله تعالى في سورة الكوثر: إنا أعطيناك الكوثر الآية وغيرهما.
ويرد عليه أن هناك سورا مدنية ورد فيها الخطاب بصيغة يا أيها الناس وسورا مكية ورد فيها الخطاب بصيغة يا أيها الذين آمنوا” [ المكي والمدني]
- باختصار؛ الفوارق بين القرآن المكي والمدني تتعلق بعدة اعتبارات، ذكرنا من بينها:
• باعتبار المكان
• باعتبار الزمان
• باعتبار حال المخاطبين
● طرق معرفة المكي والمدني:
- اعتمد العلماء في معرفة المكي والمدني على منهجين أساسيين: المنهج السماعي النقلي، والمنهج القياسي الاجتهادي [ انظر مباحث في علوم القرآن]
○ فالمنهج السمعي النقلي يعتمد على المرويات المسندة لمن حضر تنزلات الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ونقصد هنا الصحابة رضي الله عنهم بالدرجة الأولى ومن تم من نقله عنهم من التابعين، وهو مقدم على غيره بلا شك، وهو الغالب
° قال منان القطان: “ومعظم ما ورد في المكي والمدني من هذا القبيل” [ مباحث في علوم القرآن ]
° قال السيوطي: “قال القاضي أبو بكر في الانتصار: إنما يرجع في معرفة المكي والمدني إلى حفظ الصحابة والتابعين” [ الإتقان ]
ومن مثال هذا مايروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت” [ رواه البخاري]
○ أما المنهج القياسي الاجتهادي فهو “يستند إلى خصائص المكي وخصائص المدني، فإذا ورد في السورة المكية آية تحمل طابع التنزيل المدني أو تتضمن شيئا من حوادثه قالوا إنها مدنية، وإذا ورد في السورة المدنية آية تحمل طابع التنزيل المكي أو تتضمن شيئا من حوادثه قالوا إنها مكية، وإذا وجد في السورة خصائص المكي قالوا إنها مكية، وإذا وجد فيها خصائص المدني قالوا إنها مدنية، وهذا قياس اجتهادي، وهكذا” [ مباحث في علوم القرآن]
ومن هذه القياسات استخرج العلماء ضوابط معرفة المكي والمدني، والتي منها:
- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الغابرة فهي مكية سوى البقرة.
- كل سورة فيها آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة كذلك.
- كل سورة فيها فريضة أو حد مدنية
- كل سورة فيها سجدة فهي مكية.
- كل سورة فيها لفظ «كلا» فهي مكية
- كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية، سوى العنكبوت، فإنها مكية ما عدا الآيات الإحدى عشرة الأولى منها فإنها مدنية
● فوائد معرفة المكي والمدني:
- يساعد على تفسير القرآن الكريم بمعرفة مكان الواقعة وسببها
- ربط النص القرآني بالواقع وأحوال الناس المختلفة
- مهم في استنباط الأحكام
- استقراء أسلوب الشارع في تدرج الأحكام الشرعية بحسب حال المكلفين
- يساعد في معرفة الناسخ من المنسوخ
- الاستفادة من الاسلوب القرآني في التعامل مع المخالفين؛ بالحرص على أصول التوحيد أولا ثم الأحكام العملية فيما بعد
● تعداد السور المكية والمدنية
° قال الزركشي: “فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة وعليه استقرت الرواية من الثقات وهي خمس وثمانون سورة ذكر ترتيب ما نزل بالمدينة وهو تسع وعشرون سورة” [ البرهان ]
● مؤلفات حول المكي والمدني
- ( فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما أنزل بالمدينة ) لمحمد بن أيوب البجلي (ت294ه)
- (بيان عدد سور القرآن وآياته وكلماته ومكيه ومدنيه) لأبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي (ت /400هـ تقريبا)
- ( التنزيل وترتيبه)لأبي القاسم الحسن بن محمد النيسابوري (ت /406 هـ)
- ( المكي والمدني) لمكي بن أبي طالب القيسي (ت /437هـ)
ومن كتب المالكية التي اشتملت على فوائد في مبحث المكي والمدني:
• “الجامع لأحكام القرآن” للقرطبي
• “الناسخ والمنسوخ” لابن العربي
• “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” لابن عطية
انتهى والحمد لله.